خديجة الكبرى عند الشيعة Capture


عن أُم المؤمنين خديجة الكبرى عليها السلام :-

خديجة الكبرى (عليها السلام) ، بنت خُوَيْلِد بن أسد بن عبدالعُزّى بن قُصَي من سادات قريش و أشرافها، أم المؤمنين و زوج النبي صلى الله عليه وآله ، و هي أول امرأة تزوجها – في الجاهلية - و أول امرأة نت خَلق الله إسلاماً بإجماع المسلمين لم يتقدمها رجل و لا امرأة غير علي بن أبي طالب عليه السلام، كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة و لقبها عليها السلام بالكبرى، و ذكر التاريخ أنها ولدت حوالي عام 68 قبل الهجرة. 
أمّها فاطمة بنت زائدة بن الأصم، و اسمه جندب بن هذم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي. فولدت له صلى الله عليه وآله وسلم القاسم (وكان يكنّى به) و عبد الله (وهو الطاهر والطيب) و زينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة.

وقفت (عليها السلام) إلى جانب النبي صلى الله عليه وآله مساعدةً و معاضدةً حتى أنفقت ثروتها الطائلة في نجاح الرسالة وتحقيق الأهداف التي كان يرومها صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله شديد الحب لها ولم يفتأ يذكرها ويثني عليها، وكان صلى الله عليه وآله يردّ على عائشة عندما كانت تقول له إن الله أبدلك بخير منها: «لا واللّه ما أبدلني اللّه خيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناسُ، و صدّقتني و كذّبني الناسُ و واستني في مالها اذ حرمني الناسُ ورزقني اللّه منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء»

توفيت (عليها السلام) في مكة قبل الهجرة بثلاث سنين عن سن ناهز الخامسة والستين على القول المشهور. فكانت وفاتها مصيبة عظيمة أحزنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله ودفعته إلى أن يسمّي ذلك العام الذي توفي فيه ناصراه وحامياه، ورفيقا آلامه (زوجته خديجة وعمّه أبو طالب) بعام الحزن، وأن ينزل صلى الله عليه وآله عند دفنها في حفرتها، ويدخلها القبر بيده، في الحجون، وكان قد كفنها برداء له ثم برداء من الجنة.

* معالم شخصية خديجة الكبرى (عليها السلام) 

خديجة المكنّاة بأم هند بنت خُوَيْلِد بن أسد بن عبدالعُزّى بن قُصَىّ القرشية الأسدية، أم المؤمنين وأول خلق الله إسلاماً بإجماع المسلمين. ولدت السيدة خديجة في مكة وقبل البعثة بثلاثة عقود أو أربعة فترعرت في بيت أبيها خُوَيْلِد بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصَىّ من سادات قريش وأشرافها، حليف بني عبد الدار بن قصي. طاهرة حازمة شريفة في قومها لبيبة، ومن أوفر أهل مكَّة غنى، انتفع بمالها أكثر الناس، روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: سيدات نساء أهل الجنة أربع : مريم بنت عمران، وفاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله ، وخديجة وآسية. وأفضل النساء وقد لقبت بالطاهرة والزكية والمرضية والصديقة وسيدة نساء قريش وخير النساء والشريفة في قومها، كنيت أم الزهراء و أم المؤمنين . 


* حياتها (عليها السلام) قبل البعثة 

لم يحدثنا التأريخ عن حياتها إبّان تلك الفترة الا ببعض الأوصاف التي سبغت عليها و التي تدل على شرف محتدها و كرامة نفسها و رجاحة عقلها، وأنها كانت ذات ثروة طائلة فكانت تحترف التجارة وكانت تضاربُ الرجال في مالها، بشيء تجعله لهم منه أي من ذلك المال أو من ربحه. بالاضافة الى مكانتها الاجتماعية المرموقة بين قومها، وقد وصف ابن سيد الناس ذلك بقوله : خديجة بنت خويلد امرأة حازمة جلدة شريفة مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير وهي يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا. ووصفها البلاذري بقوله : و كانت امرأة عاقلة حازمة برزة، مرغوبا فيها لشرفها و يسارها.

* فضائل خديجة (عليها السلام) ومميزاتها :-

خديجة (عليها السلام) العالمة و المؤمنة :- نعتها ابن الجوزي بمجموعة من النعوت التي تكشف عن سمو روحها ورجاحة عقلها، قائلا: العالمة، الطاهرة، ملؤها المعنوية وطلب الحق والفضيلة، تعشق الكمال والتسامي، وكانت منذ سنيها الاولى من نساء الحجاز الفاضلات ومن خيرة نساء العرب. فهي بالاضافة الى غناها المادي اتسمت بالغنى والكمال المعنوي حتى خطبها كبار قريش ووجهاؤهم، وكان الجميع يدرك رجاحة عقلها وتوازنها الروحي والعقلي، ومن هنا تراها السبّاقة الى الإسلام والإيمان بالنبوة فهي أوّل المسلمين وأوّل المصلين بعد النبي صلى الله عليه وآله. 

خديجة (عليها السلام) السبّاقة الى الإسلام :- أطبقت المصادر التأريخية على التسليم بكونها (عليها السلام) أول الناس إسلاما بين النساء بل هناك من ادعى الإجماع على ذلك. وقد أكد ابن عبد البر هذه الحقيقة بقوله : أوّل من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله بعد خديجة علي بن أبي طالب عليه السلام . وهكذا سائر المصادر التي تعرض للحديث عن السابقين إلى الإسلام. وكذلك المصادر التي أكدت على كونها و أمير المؤمنين عليه السلام أوّل من صلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

دورها (عليها السلام) في نجاح الدعوة الاسلامية :- مزجت السيدة خديجة (عليها السلام) بين الإيمان والعمل فكانت المصداق البارز للحديث الشريف "الايمان هو الإقرار باللسانن وعقد في القلب وعمل بالاركان" ومن هنا تراها قد امتثلت الأمر الالهي وآيات الذكر الحكيم بكل رحابة صدر باذلة الغالي والنفيس في طريق الرسالة فلم يبق من مالها شيء الا وقد وضعته تحت تصرف الرسول صلى الله عليه وآله وما كانت تشعر- كما يقول سليمان كتاني- بانها بذلت للنبي بل كانت تشعر بربحها لكنز وفير لايدانيه كنز من كنوز الدنيا، والمتمثل بكنز الهداية المحمدية، وكانت تشعر بأنها تهدي حبّاً وحناناً لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم في مقابل السعادة العظمى التي تغمرها وهي في طريق البذل 
والعطاء. 

وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول صلى الله عليه وآله والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عدّ ذلك من النعم التي أنعمها الله تعالى عليه صلى الله عليه وآله وسلم : «وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى»[٦٤] وكان صلى الله عليه وآله وسلم يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة».[٦٥] وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في شعب أبي طالب وعند المحاصرة مال خديجة (عليها السلام) ومال أبي طالب حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبوطالب و خديجة جميع مالهما» ومن الشواهد على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أ تذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!. 

فقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الخلال الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و... ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم . وكان الرسول صلى الله عليه وآله لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.

لقد عاضدت السيدة خديجة (عليها السلام) رسول الإنسانية في حركته منذ الساعات الأولى للبعثة وحتى رحيلها عن هذه الدنيا، وكان لمساندتها الدور البارز في تقوية واستحكام الجبهة الداخلية للجماعة المؤمنة فكانت المثل الأعلى للمؤمن الرسالي الثابت القدم الراسخ العقيدة، ومن هنا نالت وبجدارة كبيرة لقب الطاهرة والصديقة وسيدة نساء قريش وخير النساء وأمّ المؤمنين، وغير ذلك من الألقاب الكبيرة. 

* وفاة خديجة (عليها السلام)

أرّخت المصادر التأريخية وفاتها في السنة العاشرة للبعثة و قبل الهجرة من مكّة إلى المدينة بثلاث سنين. عن عمر – حسب أكثر المصادر- ناهز الخامسة والستين. وقال ابن عبد البر: إنها ماتت وعمرها 64 سنة وستة أشهر. وبعضهم قال : إنها توفيّت بعد أبي طالب بعدّة شهور. وعن ابن سعد أنها توفيت بعد أبي طالب بخمسة وثلاثين يوما. وقال ابن سعد نفسه وغيره من الباحثين : إنها توفيت في شهر رمضان من السنة العاشرة. فنزل صلى الله عليه وآله عند دفنها في حفرتها، وأدخلها القبر بيده، في مقبرة المعلى من جبل الحجون، و كان قد كفنها برداء له ثم برداء من الجنة. و مدفنها الآن في مقبرة بني هاشم في مكة المكرمة.